سر سعادة البيت المسلم

سر سعادة البيت المسلم

بقلم: امل صبري
 
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد: 28،، وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه: 124،.
أن الإيمان بالله تعالى هو ينبوع السعادة ومصدر السكينة والطمأنينة، وأن الشقاء والتعاسة والنكد الدائم والأحزان المتوالية في الإعراض عن الإيمان بالله والغفلة عن ذكره وشكره وحسن عبادته.
الربانية في اللغة كما فى كتاب ابن الاثير : هى الانتساب الى الرب والألف والنون للمبالغة ....( يعنى تكون لله ربنا ..كل حياتك لله- تفكيرك لله - وقلبك خالص لله وكل أفعالك فى سبيل رضا الله ...)
 ثلاثة خطوات على طريق تحقيق الربانية في بيوتنا(1)
1-عطاء بلا حدود دون ادنى مقابل
2-مقياس الربانية اصل من قطعني و اعطي من حرمني و اعفو عن من ظلمني
3-مقياس الكمال في الربانية تحيا مع الخالق بلا خلق و تحيا مع الخلق بلا نفس
لماذا الاهتمام بالربانية في البيت المسلم  ؟!
البيت المسلم هو المدرسة الدائمة التي لا تنقطع دروسها العلمية و التربوية، فهى لا تعرف الاجازات على مدار العام.. هذه المدرسة سيخرج منها الزوج داعيًا إلى الله، و الزوجة معلمةً ومرشدةً، وسيتربَّى في هذه المدرسة الأبناء على حب الإسلام وحمل راية الدعوة ، فإذا كان البيت مصبوغًا بصبغة غير الربانية، ونشأ أبناؤه على غير الإيمان الحقيقي فسينعكس ذلك بلا شكٍّ على تكوين أفراد ذلك البيت.. أبًا وأمًّا وأبناءً.و على البيوت التى سيبنيها الابناء في المستقبل
 من فوائد ربانية البيت المسلم
1- تحقيق السعادة في الحياة كلها  :
"قال الله تعالى( من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)" النحل 97
"وقال سبحانه( فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا) " –طه 124
2- يكون البيت فى معية الله ورعايته :
"قال الله تعالى( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (يونس 62(
"قال الله تعالى( إن عبادى ليس لك عليهم سلطان"(الاسراء64 "
" قال الله تعالى( أليس الله بكاف عبده "الزمر 36
...فالله مولى الذين آمنوا وكل شىء فى هذا الكون بيد الله فمن كان  مع الله فمن يستطيع أن يضره في؟؟؟-
3- تلقى نصر الله :على المستوى الخاص و العام
" ولينصرن الله من ينصره "الحج 40 ... فمن نصر الله فى قلبه ( أو قل نصر داعى الايمان فى قلبه ) نصره الله على عدوه زد عليه مستوى الجماعة والدولة

" ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون " المائدة 56
4-الانسجام مع الكون ومع فطرة الله التى خلق الناس عليها
5- الربانية تضمن الاستمرار
حيث ان الغاية المنشودة رضا الله فبقاء الغاية يضمن بقاء العمل و الاجتهاد و يستلزم كذلك مواصلة تحصيل الواجبات الازمة لتحقيقها و منها الاستمرار على حسن تبعل الزوجة لزوجها املا في الجنة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه
 -من مظاهر الربانية في البيت المسلم
1-الربانية تحمل صاحبها على استحضار  النية الصالحة فيما يأتي وما يترك حتى في خواطره؛ فإنه يستحضر فيها النية فيحمد الله على التوفيق والهداية، ويبرأ من حظ النفس والشيطان والهوى وهذا دأب الأنبياء والصالحين ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)﴾ (يوسف)، ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)﴾ (هود)،
2-نسب الفضل لأهله، و ذلك من خلال ان افراد البيت لا يبخسون قدر بعضهم البعض قال تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) كما لا يبخسون الناس قدرهم، فإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه والإسلام يعلمنا "أنزلوا الناس منازلهم" (رواه أبو داود)،
3-تظهر في وقت الشدة، فعند الشدائد تُعرف معادن الرجال والناس في الرخاء قد يُظهرون خلاف ما وقر في قلوبهم، أما الرباني فإن سلوكه في السراء والضراء سواء، يقابلهما بالرضا والشكر والصبر وطلب التثبيت موقنًا في نفسه ﴿قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ﴾ (النساء من الآية 78)
4-  القيام بالفرائض و الاقتضاء بسنة رسول الله :
  فالبيت الرباني دائما يتلمس رضا خالقه واقتفاء أثر نبيه، في كل خطوة منذ اختيار الزوجين لبعضهما حتى التعامل مع الاحفاد و الاهل و الجيران... فهو دائمًا وأبدًا يُوثِّق علاقته بربه، ويربط حياته وسلوكه وتصرفاته وحركاته وسكناته بهدي نبيه 5- اخلاق اهل البيت المسلم تمثل بحق وراثة لسلوكيات بيوت الانبياء:
 أهل الربانية حملة لواء الأنبياء هؤلاء الذين وصفهم الحق جل وعلا فقال في حقهم: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا (39)﴾ (الأحزاب)،
6-على مستوى الذكر: أن تلتزم يوميّاً بورد من الأذكار وبورد من تلاوة القرآن وبورد من حفظ القرآن و بالدعاء لاهل البيت جميعا لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74]
7- وعلى مستوى العلم: أن نقتفي سلوكيات السلف الصالح في بيوتهم من خلال سيرهم  ونتمثل بها
8- وعلى مستوى النصيحة: أن ننصح الأهل والجيران ومن لنا بهم صلة رغبة في تحقيق البيت المسلم الذي يرضي الله في الارض
9- وعلى مستوى الخدمة: أن نخدم أهلنا وجيراننا والمسلمين كما تخدم النحلة في مملكتها دون ادنى تذمر او توقف عن العطاء مهما اخذنا منها ثمرة جهدها.
10- وعلى مستوى إقامة فروض العين والكفايات: أن تبذل جهداً في ذاتك لإقامة ما تستطيع من ذلك وأن تبذل جهدا في بيتك وخارجه في ذلك كله.
 بعض الخطوات العملية لتحقيق الربانية في البيت المسلم
1 - العلم بأوامر الله و نواهيه في العلاقة بين الزوجين
لأن العلم يورث الخشية ..." {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 2]
2- ابتعد عن العرف الخاطئ في العلاقة بين الزوجين
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
حتى لا تكون كمن " أخلد الى الارض واتبع هواه "
3- تكوين بيوتا تهدف الى احياء معنى الجندية لله في الارض
تدافع عن شرع الله وتدعو لدين الله وتنكر الفتن والمعاصى وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتكون قدوة لخلق الله على الخير
" إن الله إذا أحب عبدا أستعمله " فلنعمل على ان يحب الله بيوتنا بأن نستخدمها لنصرة دينه في انفسنا و اولادنا و علاقتنا الزوجية و مع الجيران و الاهل    و ليكن شعارنا ان بيوتنا لله و مع الله و قبلة لخلق الله دون ادنى شرط او قيد
4- الأفراح الاسلامية - عقيقة فى المساجد- الأسماء الاسلامية.....
5- العجلة والفرار الى الله
" وفروا الى الله انى لكم منه نذير مبين " الذاريات 50
" وعجلت اليك ربى لترضى  "  طه 84 لتكن مهمتنا في بيوتنا مع كل افراد البيت التعاون على الفرار الى الله بحب الاولاد و احتوائهم و تربيتهم على الخلق الحسن و احصان الزوجين بعضهما لبعض رغبة في النجاة من انتشار الرذيلة بين المسلمين... رعاية الخدم و توعيتهم باهمية دورهم في الحياة و حفظ كرامتهم و حقوقهم الانسانية"
و اخيرا...
الربانية هى المفتاح الأول لحل المشكلات الزوجية المعقدة و التي تواجهها بيوت المسلمين اليوم، و لم يستطيعوا إلى حلِّها سبيلاً، وبغير هذا المفتاح فلا إصلاح للبيوت..لذا فإن البيت إذا أراد أن ينجح في رسالته الدعوية، ويؤدي واجبات دعوته، كان عليه أن يُصبَغ بالربانية، وأن يُحقق فيها مراد الله بالالتزام بالطاعات، وهجر المعاصي والسيئات بين افراده و مع الاخرين
الهوامش
(1)الشيخ محمد حسين عيسى