عندما تتغرب المشاعر!!
جلس أحد الآباء إلي عريس إبنته يوصيه في يوم الزفاف ...أن لا يجمع على إبنته غربتين!!و تعجب العريس من عندما سمع هذه المقولة فهما لن يسافرا إلى الخارج إنه مجرد إنتقال من بيت إلى بيت داخل نفس البلدة!!
و في أثناء محاولة الشاب فهم ماذا يعني والد زوجته بهذا الكلام
قال الوالد:يا بنى ربما تتعجب من كلامي هذا و لكني أتمنى لحياتكما الإستقرار و الإستمرار و هذا لن يتحقق إذا بدأتما رحلة الغربة التي إذا بدأت لا تنتهي....
و هنا قاطعه الشاب و قال يا عماه أنا لا أفهم ماذا تقصد أرجو أن توضح لي....
فقال الأب : إن البنت عندما تتزوج تنتقل من مكان إلى مكان آخر تشعر فيه بالوحشة لإنها غادرت البيت الذي فيه نشأت و الأسرة التي بينها تربت و نبع الحب الذي منه إرتوت و الأمان الذي به إطمأنت إنه دفء الأسرة حيث العطاء بلا حدود و لكن الآن وهى تخطو خطواتها الأولى نحو بيت غير البيت و إلى رجل لم تألفه و لا تدري كيف ستكون عشرته.... و هى تعلم أن سمة البشر النقصان فتفكر كيف سيتعامل مع نقصها؟ و كذلك تسأل نفسها هل سأنجح في التعامل مع نقصه أم سيكون الفشل من نصيبي؟ .... و بين الخوف و الرجاء تخطو خطواتها الأولى في رحلتها مع الحياة الزوجية.... تلقي بكل مشاعرها إليك حبا فيك و هربا من الفشل و كأنها تحتمي بحبك من المجهول ... و لسان حالها يعبر و يقول أهرب من الفشل معك إلى النجاة بك !!!
فإذا أحببتها و أكرمتها و منحتها الأمان سعدت بها و سعدت بك و إذا فشلت في التعرف على مشاعرها و إحتوائها فقد حكمت عليها بالغربة الثانية !!..غربة المشاعر!!! .... فتجتمع عليها غربة المكان و غربة مشاعرها التي تتأجج بين ضلوعها رغبة في الإنطلاق و التحرر و لكنها لا تجد الوطن الذي تهاجر إليه فلا تجمع عليها غربتين!!!
كن لها الوطن تكن لك الزوجة و الأم و الحبيبة و الصديقة........
شكر الشاب عمه على هذه النصيحة القيمة التي تنم عن الحب و الحرص و الحكمة..
و قال يا عماه اتفق معك في كل ما ذكرت لإن الشاب يبدأ حياته الزوجية و هو يحمل المشاعر نفسها و يحتاج كذلك إلى نفس المعاني و إن إختلفت بدرجة أو باخرى و لكنه أيضا يتمنى أن يجدها في شريكة حياته كى لا تسيطر عليه غربة المشاعر فيتمحور حول نفسه و يهجر البيت و المشاعر التي هو في أشد الحاجة إليها لما يجد من الفتن في الأماكن المختلفة... فالبيت يا عماه للرجل هو الشجرة المورقة التي يستظل بظلها من حر الظهيرة و هو النهر الذي يشرب منه عندما يظمأ و هو الهدوء الذي يهرع إليه فرارا من صخب الحياة.... فالحياة الزوجية يا عماه لكى تسير لابد أن يكمل كل منا الآخر و يحترم إحتياجاته و يؤديها إليه بكل اللغات التي من شأنها أن تمد جسور المحبة بينهما
قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
قال الأب:صدقت يا بني ...فإن الزوجين إذا لم يعيشا متحابين و متراحمين فإنهما في الحقيقة يقومان بعملية قتل متعمد لحياتهما الزوجية ...حفظكما الله من كل سوء
امل صبري
0 لأضافة تعليق:
إرسال تعليق