في الحج ...وصية متجددة للزوج


في الحج ...وصية متجددة للزوج
   لم تغفل الرسالة الخاتمة في أي مرحلة من مراحلها البيت المسلم بداية من تكوينه ,أهميته,الغاية منه و دوره في تقوية أواصر الترابط و المحبة بين أفراد المجتمع المسلم فهو يعد حجر الزاوية في المجتمع المسلم   
من تلك المراحل في عمر الرسالة المحمدية كانت المرحلة الآخيرة في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم و هى خطبته الآخيرة للمسلمين في حجة الوداع و كانت خطبة جامعة ,كاملة ,شاملة ,تضمنت ملخص الرسالة المحمدية في جوانبها المختلفة من خلال محاور عدة منها؛الصلاة ,نبذ عادات الجاهلية ,الحلال و الحرام في الملبس ,العلاقة بين رجال الأمة ونسائها.....من بين هذه المحاور كانت وصية الرسول صلى الله عليه و سلم"استوصوا بالنساء خيرا" و "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله"    
في وصية غاية في الرقي و الإيجاز وضح فيها الرسول صلى الله عليه و وسلم  أهمية تبادل الحقوق و الواجبات بين الزوجين فقال عليه الصلاة و السلام:"ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
و لكن الوصية كانت موجهة بالدرجة الأولى إلى الأزواج فهم المعنيين بتنفيذها و المعلق بأعناقهم الوصية لما لهم من سلطة واسعة على المرأة و لذا لابد أن تقابلها مسؤلية مساوية لها و عندما يتأمل القارئ تلك الخطبة يتعجب من ذكر هذا المحور بين باقي المحاور 
و لكنه سيزول التعجب بمجرد ما يتأمل القارئ في الوصية و ينظر إلى واقع حياتنا و واقع حياة الصحابة الكرام الذين كانوا يطبقون وصية الرسول صلى الله عليه و سلم فقدموا تلك النماذج المضيئة للبيوت المسلمة بين بيوت الدنيا ليقدموا أرقى النماذج للعلاقة بين الأزواج و الزوجات في حالاتهم المختلفة سواء في حال دوام الزوجية أو الطلاق فكانت التقوى هى الضمير الحي النابض في العلاقة بينهم و كل ذلك تأسيا بالزوج القدوة و النموذج الأمثل لرب البيت المسلم الرسول صلى الله عليهو سلم
 أما الآن و في أيامنا تلك نجد الزوج يبحث عنصلاحياته  -إلا من رحم ربي - و يستخدمها بالصورة التي يرتئيها بصرف النظر عن المسؤليات التي تقابل تلك الصلاحيات فهو لا يريد تقصيرفي حقوقه و يعلم رأي الشرع فيها و لكن واجباته فهو يجد لها ألف مبرر و مبرر من أجل التقصير فيها
و لكن سيدنا الرسول صلى الله عليه و سلم أراد في هذه الخطبة الأخيرة أن يلفت انتباه الأزواج إلى أن هذه السلطة هى
"بكلمة الله"  فهى سلطة ممنوحة من الله سبحانه و تعالى سلطة أعطاها الله للرجال على النساء
   على أن يرعى الزوج زوجتة رعاية كاملة "مادية و معنوية" و التقصير في هذه المسؤلية يعد تقصير في حق المانح لها"الله عز و جل"  
وعدم الوفاء بهذه الوصية التي بين أيدينا اليوم هو عدم وفاء بوصية الرسول صلى الله عليه و سلم لرجال الأمة قال تعالى :"وما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا"
 فالحج كما أنه موسم للطاعات و العودة إلى الله فهو أيضا موسم لتجديد العهد مع الله و رسوله و إعلان الطاعة و الإمتثال لوصية الرسول عليه الصلاة و السلام
فالحج يأتي مع نهاية عام و بداية آخرفهل وقف كل زوج مع نفسه وقفة في هذه الذكرى السنوية لوصية الرسول صلى الله عليه و سلم ليراجع نفسه ماذا حقق من وصية الرسول صلى الله عليه و سلم مع زوجته التي أحلها الله له بكلمته هو لا غيره؟هل حمد الله و شكره على نعمته و معجزته في هذه العلاقة السامية و ما تحقق له من المودة و السكن قال تعالى:
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ( الروم 21  .     
هل ادرك الزوج الطائع لله و لرسوله مدى تقصيره في الماضي إذا كان هناك تقصير و أراد أن يجدد العهد مع الله في التوبة عن التقصير في حق زوجته و يبدأ من جديد تصحيح خط السير؟
ربما تحدث الزوج نفسه قائلة:أنت لم تقصر بإختيارك بل زوجتك هى التي دفعتك إلى التقصير بأفعالها و أقوالها المستفزة....فلا يغرنك وسوسة الشيطان في هذا الجانب ...لولا علم الرسول صلى الله عليه وسلم بقدرتك النفسية المادية على إحتواء الزوجة ما كان ليوصيك بما لا تستطيع القيام به فأنت سوف تسأل أمام الله عن نفسك و هى سوف تسأل عن نفسها قال تعالى"كل نفس بما كسبت رهينة"فكل منكما يعرض عمله على عادل ,سميع,بصير,يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور 
مهمة عظيمة تلك المراجعة و المحاسبة السنوية التي يقوم بها الزوج تجاه حقوق زوجته و لولا علم الرسول بأهمية هذه المتابعة و المراجعة لما ذكرها في أخر خطبة بل أخر كلامه للأمة هذه الخطبة التي سوف يرددها و يتدارسها الناس مع كل موسم حج بل و عليهم ان يبلغ الشاهد منهم الغائب عبر استار الزمان و ما كان كل هذا الاهتمام إلا للفت انتباه الأمة لأهمية رعاية المرأة عامة و الزوجة خاصة حتى يتحقق للمجتمع المسلم ما يميزه من الترابط و الألفة و المحبة ....مجتمع مترابط يتبادل افراده الحقوق و الواجبات كما ارادها رب العزة لعزة المجتمع المؤمن الطائع لله
فلن تكون العزة للمؤمنين إلا بطاعتهم لله و بحسن إتباعهم لرسول الله  
بقلم|امل صبري













0 لأضافة تعليق:

إرسال تعليق