ثمن الغربة ..الحياة


ثمن الغربة ..الحياة
    الغربة كلمة تبعث في النفس الإحساس بالوحشة و يزداد الأمر وحشة إذا كانت الغربة ليست عن الوطن فحسب و لكن عن الأحبة أيضا فهي غربة عن المكان و الروح فماذا يتبقى للإنسان من حياته ؟!!! هل يتبقى له نبض القلب التلقائي الخالي من الأحاسيس ؟!! أم يتبقى الأمل في لقاء الأحبة من أجل الحياة؟! ...الحياة التي ربما نعيشها أو لا نعيشها ...يظل الأمل هو المحرك الحقيقي لقلب لا يزال ينعم بالنبض متى كان في العمر بقية 
   كانت هنا تنتظر عودة حبيبها و رفيق عمرها في يوما ما من بلاد الغربة  بعد أن تستقر الأحوال المادية و راح هو يجدد عقد عمله السنة تلو الأخرى و ظلت هى تلهث وراء تربية الأبناء فهى أصبحت الأم و الأب في ظل حياة جافة يفتقد القلب فيها الحب و السكن و لكن الأمل في يوم اللقاء مع رغد العيش ربما يعوض أيام الكفاح من أجل غد أفضل و أجلت الإحساس بإنها إمرأة إلا في الأجازات التي تجمع بينهما... رغم العمر الطويل الذي جمع بينهما على الورق إلا أن عشرتهما الحقيقية لم تتجاوز الأشهر التي تمثل مجموع الأجازات السنوية 
  إلا أن الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن ...واكتملت أركان الغربة...و غابت الأنفاس عن الوجود...إنه هادم اللذات و مفرق الجماعات ...الموت...رحل رفيق العمر و بقيت الغربة !!! و أخذت الغربة الأولى -غربة المكان و الأحبة -العمر الماضي و جاءت الغربة الثانية-الموت- لتقضي على ما تبقى من العمر... و أدركت في هذه اللحظة أنهما عندما إختارا الغربة حلا لمشاكلهما المادية لم يشترطا عليها تحقيق اللقاء قبل النهاية.... و لم تبخل عليها الغربة بجائزة نهاية الخدمة... شيك يحمل الكثير من الأصفار!! فأبتسمت و قالت: يا لها من سخرية و كأن الشيك يخرج لي لسانه و يقول أننا توأم أنا أحمل أصفارا و حياتك لم تخلو من الأصفار إلا من رقم واحد ...الرقم الذي أحمله.
امل صبري

0 لأضافة تعليق:

إرسال تعليق